يقول ابن خلدون رحمه الله:

" كلما زادت قوة الدولة زادت مدنيتها، وذلك لا يتم إلاّ بتعاون ذوي المهارات فيها، وكلما توسعت الدولة في مدنيتها كان ذلك أدعى على زيادة أصحاب القدرات العالية " بتصرف

يشير ابن خلدون رحمه الله إلى مسألة غاية في الأهمية، تتعلق بتقدم الدول وازدهار الحضارات، فيرى رحمه الله أن تحقيق التقدم المدني يحتاج إلى تراكم خبرات أكثر من جيل، فلا يمكن لجيل واحد أن يصنع الحضارة التي نريد، ولا أن يحقق التقدم الذي نسعى إليه، لأن التقدم المدني يعبّر عن قوة المجتمع، وعن تطوره وأصالته، لذا يجب أن يكون التقدم نابعاً منه، أما أن نستورد المدنية من الآخرين، كأن نستورد المباني، أو من يبني لنا المباني، ففعلنا هذا مجرد تقليد لا روح فيه، ولا هوية له، فالحل ليس في الاستيراد وإنما في بناء قدراتنا الداخلية والذاتية، والتي منها سننطلق في بناء حضارتنا بأيدينا نحن.

قضية القدرات قضية أساسية في البناء الحضاري، وهنا لن نطرح الطرح التقليدي الذي يعتمد على ذكر السلبيات والإيجابيات، بل سنطرح فلسفة جديدة نطلق عليها " القدرات الأساسية " (Core Competence)، وهذه الفلسفة في التخطيط كانت بدايتها في التسعينات، وهي طريقة تصلح للتخطيط الفردي وللشركات والمنظمات، وتصلح كذلك للدول والجماعات، ولنبدأ أولا بتعريف القدرات.

لعل المثال الآتي أكثر ما يوضح فلسفة " القدرات الأساسية "، التي نستطيع تطبيقها على الأشخاص والشركات والدول.

القدرات الأساسية للأشخاص

السؤال الأهم هنا كيف تعرف قدراتك الأساسية...؟

سألت بعض من يشاركوني في الدورات عن قدراتي الأساسية، فقالوا: قدرتك على الإلقاء، وقدرتك على التأليف.

وحتى نعرف إن كانت هذه قدرات أساسية أم لا، فعلينا أن نطبّق المعيار الذي يقول: يجب أن تظهر هذه القدرات في كل ما تفعل (النتائج)، فإن ظهرت في كل النتائج فتسمى حينها قدرات أساسية، وإن ظهرت في بعض الظروف والمواقف، سمّيت قدرات ومواهب لكنها ليست أساسية.

بعد التأمل وجدت أني أمتلك القدرات الأساسية التالية:

القدرة على التحليل، المتمثلة في استخلاص قضايا غير واضحة من أمور في الحياة

القدرة على الترتيب، ولعل هذا من تأثير دراسة علم الهندسة عليّ

القدرة على التبسيط، ويظهر ذلك من خلال تبسيط الأفكار المعقدة، وهذا ما أجده في كتبي وبرامجي ودوراتي

هذه هي قدراتي الأساسية وقد عرفتها، فهل تعرف أنت ما هي قدراتك الأساسية...؟

معايير القدرات الأساسية

حتى تُعتبر القدرات أساسية لا بد أن تتوفر فيها ثلاثة شروط:

القدرة نقطة إيجابية وليست سلبية

القدرة تظهر في كل ما تفعل

القدرة تميزك عن منافسيك أو أقرانك

وبداية تحديد القدرات الأساسية تكون باستشارة من حولنا عن قدراتنا، وسؤال من يعرفنا عن قرب وبعمق، ثم التأمل فيما قالوه، وتطبيق المعايير الثلاث على النتائج، وأزعم أن من سيتقن هذه المهارة، ويضع خطة حياته بناء على قدراته الأساسية، أنه سيحقق نجاحات مبهرة وغير عادية.

القدرات الأساسية للشركات

هذه هي فلسفة " القدرات الأساسية " لشخص، وتلك معاييرها، ونستطيع تطبيقها بنفس الفكرة على الشركات والدول وعلى الأمم، ولنأخذ شركة) Honda) اليابانية مثالا على القدرات الأساسية للشركات.

جيل الشباب الحالي يعرف أن شركة) Honda) متخصصة في صناعة السيارات، لكن كبار السن يتذكرون جيدا أن شركة) Honda) بدأت كشركة تنتج الدراجات النارية وليس السيارات، وكانت الشركة الأفضل في العالم في صناعة الدراجات النارية.

محرّك فعّال

بحثوا عن قدراتهم الأساسية من خلال السؤال التالي: ما هي أفضل الأشياء في الدراجات التي نصنعها، والتي كانت سبباً في اكتساح منافسينا ...؟

ولمّا حلّلوا النتائج وجدوا أن الهيكل لا يختلف كثيراً عن باقي الهياكل، وأن قدرتهم الأساسية وتميزهم كان في قدرتهم على صنع محرّك فعّال، وهو الأفضل في العالم في ذلك الوقت.

إذن فالقدرة الأساسية للشركة لم تكن في إنتاج دراجات، وإنما في إنتاج محركات فعالة، ومن هنا بدأ التحول في مسيرة الشركة، حيث انتقلت من صناعة الدراجات إلى صناعة السيارات، بسبب قوة وجودة المحرك الذي تصنعه، وانتقلوا فيما بعد إلى صناعة المولدات والأجهزة الكهربائية ومحركات السفن والقوارب البحرية.

القدرات الأساسية للدولة

هذه هي فلسفة " القدرات الأساسية " للشركات، أما في حال الدول، فإن الدولة التي تريد أن تعمل كل شيء لن تنجح، ولن تتقدم، أما عندما تركز على قدراتها الأساسية فستتقدم بل وستتفوق.

هذه الفلسفة الجديدة " القدرات الأساسية " لم تُطبق في كثير من الدول، ومن الدول التي أخذت بها وطبقتها، دولة " الكيان الصهيوني "، والمرجع في ذلك هو كتاب (Start-Up Nation) ومعناه بالعربية " أمة الشركات الناشئة " وهو من تأليف الكاتبين اليهوديين " دان سينور " و " شاول سنجر".

القدرات الأساسية للعدو الصهيوني

كتاب (Start-Up Nation) مليء بالدعاية للكيان الصهيوني، وهو في مجمله يتحدث عن القدرات الأساسية للعدو الصهيوني، وقد حدد الكاتبان عدداً لا بأس به من القدرات الأساسية للكيان الصهيوني، وبعض هذه القدرات غاية في القبح والغرابة، وإليكم أهمها حسب تحليل المؤلفين أنفسهم:

(1) الجدل

القدرة الأساسية الأولى هي الجدل، ومن يتتبع تاريخهم مع أنبيائهم يجد أن هذه الصفة تنطبق عليهم، وقد وثق القرآن الكريم قصة البقرة كنموذج على العقلية الجدلية التي يتصفون بها، ولقد وظفوا هذه الصفة القبيحة لصالح تطوير دولتهم، فكل قضية في دولتهم هي محط جدل وحوار وتمحيص في الإعلام وغيره، فقليلة هي الموضوعات التي تبقى طي الكتمان، أو تناقش في الغرف المغلقة، وعندهم من الحرية ما يتيح للصغير والكبير التعبير عن رأيه بحرية.

(2) الوقاحة

القدرة الأساسية الثانية هي " الوقاحة " ومعنى الوقاحة عندهم أنه لا يوجد أحد لا يُناقش، كما لا يوجد شخص مقدّس، والكلّ تحت القانون، المخطئ يحاسب مهما كانت منزلته أو رتبته، للجيش الصهيوني أن يضرب في أيّ مكان وأيّ زمان دون أن يلتفت إلى أحد، مصلحة اليهود فوق كل شيء، فوق جميع الدول، وفوق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

الوقاحة بالنسبة لنا كمسلمين صفة سيئة ومشينة، لكنهم استثمروها بصورة إيجابية لتطوير كيانهم، وبصورة أخرى فيها ظلم للبشر، واعتداء صارخ على حقوقهم وحرياتهم، من الأمثلة التاريخية على وقاحتهم ضربهم للمفاعل النووي العراقي عام (1981)م، حيث طارت طائراتهم من فلسطين المحتلة، متجاوزة الأجواء السيادية لبعض الدول العربية، وقامت بتدمير المفاعل النووي العراقي، ثم عادت إلى قواعدها بكل صفاقة.

أسطول الحرية شاهد على الوقاحة الصهيونية

من أمثلة الوقاحة اعتداء الجيش الصهيوني على " أسطول الحرية " في المياه الإقليمية، وهو أسطول مكون من ست سفن، منها سفينتان تتبعان مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية، توجهت سفن الأسطول في عام (2010م) لرفع الحصار عن قطاع غزة في فلسطين، وكان على متن السفن نحو (750) ناشطاً حقوقياً وسياسياً، من أكثر من (50) دولة، ومن بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية.

في فجر يوم (31/5/2010م ) قامت قوات إسرائيلية خاصة بالهجوم على سفن أسطول الحرية المبحرة في المياه الدولية، وكانت النتيجة مقتل أكثر من (19) شخص، غالبيتهم من الأتراك، وإصابة أكثر من (26) من المتضامنين، وقد وُصفت هذه العملية "بالـمجزرة" و"الجريمة" و"إرهاب الدولة".

والحمد لله أن تركيا ضغطت سياسياً واقتصادياً على الكيان الصهيوني إلى أن اعترف واعتذر وعوّض المتضررين.

القدرات الأساسية للأمة الإسلامية

تأملت تاريخ أمتنا، وبحثت في قدراتها الأساسية وخلُصت إلى أن الأمة الإسلامية تملك قدراتٍ لو ركّزت عليها، لنهضت وارتقت ونافست، ومن أهم تلك القدرات:

(1) القدرة الأساسية الأولى: العاطفة الشديدة والإقدام

تمتلك الأمة الإسلامية استعداداً غير عاديّ للإقدام، وأحياناً يصل إلى درجة التهور، ويمكننا أن نستثمر هذه العاطفة استثماراً إيجابياً، ونوجهها نحو العطاء والإنجاز والتطور.

ولقد رأينا هذه العاطفة الجيّاشة في الربيع العربي، والثورات العربية، التي أطاحت بكثير من الظلمة والطغاة، لقد رأينا كيف يخرج الشباب بصدورهم العارية ليواجهوا أدوات القمع البوليسي، وآلات الموت العسكري، وكم مات منهم في سبيل الحرية والكرامة والعدالة، وكلما قُتل منهم رجل ازداد لهيب الثورة، وكلما سقط شاب ارتفع صوت المعارضة أكثر وأكثر.

الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم

كما ظهرت هذه العاطفة الجيّاشة عندما أُسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فيما عُرف بالرسومات الكرتونية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث خرجت المظاهرات والمسيرات على مستوى العالم الإسلامي، تندد بهذه الجرأة القبيحة على نبي الرحمة والإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم.

وهبّت الأمة بصغارها وكبارها، برجالها ونسائها، بمفكريها وعلمائها، تنتصر للنبي صلى الله عليه وسلم، هذا ينصره بالكلمة البسيطة الصادقة، وآخر ينصره بقصيدة بليغة، وثالث بخطبة عصماء يدعو فيها إلى الاعتصام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ورابع ببذل المزيد من الجهد في الدعوة إلى الله تعالى.

(2) القدرة الأساسية الثانية: حب الدين.

حب الدين مكون أساسي من مكونات الشخصية المسلمة في أمتنا، وبشكل عام فالناس تحبّ الدين وأهله، ولو خيّروا بين الشريعة الإسلامية أن تحكمهم، وبين الأحكام الوضعية لاختاروا شريعة الله تعالى، وهذه النتيجة أكدتها مؤسسة " غالوب " الأمريكية التي أجرت استطلاعاً، حول علاقة الشريعة الإسلامية بالدستور، فكانت النتيجة أن الغالبية الساحقة من الأمة تحب الدين، وتحب أن تُحكم بشرع الله تعالى، ولنأخذ " مصر " كنموذج على ذلك حيث أشارت النتائج إلى أن (66%) من المصريين قالوا: إن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع، و(24%) قالوا إن الشريعة هي من مصادر التشريع، ومن ينظر إلى الرسم البياني يجد أن غالبية الدول حالها حال مصر، باستثناء تركيا بسبب وقوعها تحت الحكم العلماني لأكثر من (80) سنة.

رغم ازدياد عدد الملحدين فإن نسبتهم تقّل في البشر ولا تزداد، وحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum بناء على دراسة قام بها Pew Research Center نجد أن كل الأديان في ثبات نسبتها في البشر أو تناقص إلاّ الإسلام فالمستقبل للإسلام.

إلى الدعوة من جديد

تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن المسلمين يشكلون أقل من ربع العالم، بمعنى أن ثلاثة أرباع العالم لا زالوا من واجبنا تبليغ الدعوة لهم، وهذه الإحصائية مهمة جدا خاصة للدعاة الذين ينشطون في مجال الدعوة إلى دين الإسلام، حيث تخبرهم أن مشوار الدعوة لا زال طويلا أمامنا.

وتخيلوا معي لو استطعنا أن نحرك هذه الكتلة البشرية الضخمة من المسلمين، والتي تجاوز تعدادها (1523) مليون شخص تُرى ماذا سيحدث...؟ وكيف سيكون حال المسلمين...؟

هل الدين جزء مهم من حياتك اليومية..؟

وفي استطلاع آخر أجرته مؤسسة " غالوب " الأمريكية حول علاقة الفرد بالدين، فسألت السؤال التالي " هل الدين جزء مهم من حياتك اليومية..؟ " فكانت النتيجة مذهلة، الناس كأفراد يحبون الدين، وللدين تأثير مباشر على حياتهم اليومية، ولنأخذ بعض النتائج على سبيل المثال:

في الكويت (82%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في السعودية (98%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في الإمارات (98%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في مصر (98%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في الأردن (92%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في اندونيسيا (99%) نسبة من قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

في تركيا التي حكم (80) سنة بالعلمانية كانت النسبة (86%) قالوا بأن الدين جزء مهم من حياتي اليومية.

فالناس تحب الدين، ونقول لمن يريد أن يطبق القوانين الوضعية، هذه هي كلمة الشعوب، وإرادة الناس، يحبون الدين، ويريدون أن يُحكموا به، فلا تزوّروا إرادة الشعوب.

(3) القدرة الأساسية الثالثة: الشرف والرغبة في العزّة

القدرة الثالثة من القدرات الأساسية للأمة الإسلامية تكمن في الشرف ورغبتها في العزّة، فالمسلم شخص عزيز، لا يقبل الإهانة، ويرفض أن يُذل، ويأبى إلا أن يكون حراً عزيزاً شريفاً، والشرف تدور معانيه حول الغلبة، ونفاسة الشيء، وعلو المنزلة، وعظم الشأن، أما العزة فتدور معانيها حول مبدأين ومعنيين:

الأول: مبدأ الغلبة والانتصار، والشدّة والقوة، لأن مادّة (ع ز ز) في لغة العرب تدلّ على شدّة وقوّة.

الثاني: مبدأ رفض الإهانة، فالعزّ خلاف الذّلّ، والعزيز يرفض أن يهان أو يُذل.

عش عزيزاً أو مت عزيزاً

ليس في ديننا المبدأ الذي يقول: إذا ضربك أحدهم على خدّك الأيمن فأَدِر له خدك الأيسر، بل ديننا يأمرنا أن نأخذ بالعزة والشرف، وأن نرفض الذل والإهانة بكل صورها وأشكالها، سواء أكانت فعلاً أم قولاً، لذا لما جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ.قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي قَالَ قَاتِلْهُ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي قَالَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ)) رواه مسلم

هذا ما يعلمنا إيّاه ديننا العظيم، إما أن تعيش عزيزاً وإما أن تموت عزيزاً ولا ثالث لهما، وكن كالنخلة إذا عاشت عاشت شامخة، وإن ماتت ماتت واقفة شامخة.

(4) القدرة الأساسية الرابعة: القوة البشرية

يبلغ تعداد العالم حالياً (7) بليون نسمة تقريباً، ونسبة المسلمين هي (1500) مليون نسمة، أي أكثر من تعداد الصين، وهذا العدد الكبير يمثل قوة هائلة، لو أحسناّ استثمارها وتوجيهها، ولأهمية العدد في حياة الأمة المسلمة حثّنا النبي صلى الله عليه وسلم على التكاثر، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ (الزواج) وَيَنْهَى عن التَّبَتُّلِ (الرهبانية) نَهْيًا شَدِيدًا وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) أحمد

العالم الغربي يتّجه نحو الشيخوخة

في العالم الغربي هناك مشكلة حقيقة تتمثل في تراجع عدد السكان الأصليين، بسبب عدم القدرة على الإنجاب، أو عدم الرغبة في الإنجاب، مما يضر الدولة إلى تعويض ذلك بالسماح بالهجرة إليها، وليس بتشجيع الزواج والإنجاب، بخلاف عالمنا العربي والإسلامي الذي تزداد فيه الأعداد بشكل ملحوظ، وذلك بسبب نسب الولادات المرتفعة بين المسلمين.

وللقوة العددية أثر كبير على الدول والمجتمعات، فاليهود مثلاً يخافون كثيراً بل يرتعبون من التغيير الديمغرافي الذي سيطرأ على فلسطين التاريخية (1948م)، إذا بقي معدل الولادات مرتفعاً في فلسطين، حيث تتوقع الدراسات أنه وبحلول عام (2050) م، سيشكّل اليهود أقليّة داخل أراضي فلسطين المحتلة في 48.

(5) القدرة الأساسية الخامسة: الأمة الشابة

تشير الإحصائيات والأرقام إلى أن نسبة الأطفال والشباب في العالم الإسلامي كله أكثر بكثير من نسبهم في الدول الأوربية .

مازلنا أمة شابة، ومتفوقون بشكل عام على الغرب، ومن يمشي في الأسواق أو يدخل المساجد، ويتأمل الجامعات والمدارس، يبصر هذه الحقيقة، أن المجتمعات العربية مجتمعات شابة، وهذا أمر يبشر بخير، ويثير التفاؤل في النفس، لأنه دليل على حياة الأمة وحيويتها، ثم لأن الشباب هم من سيقع على عاتقهم الجزء الأكبر من مهمة النهوض بالأمة، وهم الأقدر على خوض غمار التحدي، وتوفير ما يتطلبه التغيير الحضاري من احتياجات ومتطلبات.

إضاءة:

العاطفة وحب الدين والشرف والقوة البشرية والأمة الشابة، هذه هي القدرات الأساسية لأمتنا، والتي خلصتُ إليها بعد تأمل عميق، ونظر دقيق، وهي قدرات ومصادر قوة تمكننا بإذن الله تعالى من تحقيق النهضة لأمتنا، وتعيننا على بناء خطة إستراتيجية تؤدي إلى اكتساح المنافسين لنا.

(3) عدم الخوف من الفشل

القدرة الأساسية الثالثة هي عدم الخوف من الفشل، فهم لا يستسلمون للفشل، وإذا أخطأ أحدهم فإنه يعاود الكرة بعد الكرة، وظهر هذا جلياً في التقارير التي كُتبت بعد الحرب التي شنّها الصهاينة على لبنان عام (2006) م، حيث أفادت التقارير والتحقيقات أن الجيش فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، ولقد استثمر اليهود هذا الفشل في إعادة بناء وتطوير قدرات الجيش الصهيوني، بما يحقق قوة ردع أكبر.

بواسطة: د.طارق السويدان

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الرواد