إن تعلم القراءة معناه أولاً أن تجد متعة في القراءة؛ تلك المتعة التي لم تبدأ في حياتنا بالمفردات والمعاني والقواعد وتحليل الخطاب والنقد، وإنما بدأت لحسن حظنا بأغاني الطفولة وحكاياتها.
وتعلم القراءة معناه ثانيا أن تجيد اختيار نوعية الكتب التي تقرأها؛ فليس المهم عدد الكتب التي تقرأها، وليس من الذكاء أن تقرأ أنوار كتب المنبع على ضوء شروحات كتب المصب؛ لأن كتابا واحدا من المنبع يغني عن ألف كتاب من المصب، وأن تتحرر من الرعب الذي تسببه كتب المنبع لدى المتمسكين بقراءة كتب المصب، وأن تتوب من ذنب كتب المستنقعات التي تسرق من عمرك.
وتعلم القراءة معناه ثالثا أن تتقن استخدام المنهجيات الملائمة للفهم الواضح والدقيق. فالقراءة كالتفكير، بل هي التفكير عينه، تلك المعاناة الفكرية التي تقودنا إلى النهاية السعيدة: الوضوح والدقة والبساطة. وتعلم القراءة معناه أيضا أن تملك القدرة على القراءة السريعة؛ أي على قراءة وفهم كتاب من مائة صفحة في ساعة واحدة، لكن مع الصبر على قراءة وإعادة قراءة ومقارنة وتمييز وتصنيف وتحليل وتأمل فقرة من مائة حرف في ساعات متعددة وأيام.
وتعلم القراءة هو كذلك أن تملك مهارة القفز بين الخطابات، والنقد الفعال والعملي لها
. وأخيرا تعلم القراءة هو التلقي من مستويات منطقية متعددة.
إن القصة التي يسردها هذا الكتاب هي قصة رحلة ممتعة وطويلة وشاقة؛ قصة وجود خارطة طريق لأنواع ومستويات القراءة. وهذه القصة لا تتحدث عن القراءة فقط، وإنما عن علاقتنا بها أولا. وإذا ما اقتنعت بأن علاقتك بالقراءة تحتاج إلى إعادة نظر فأهلا بك في رحلة المستويات السبعة للقراءة.